السحر والدجل والشعوذة
السحر والدجل والشعوذة، آفات خطيرة أصابت البعض من أبناء المجتمع، وأخذ السحرة والدجالون والمشعوذون ينشرون آفاتهم بين عوام الناس، مستغلين الجهل بالدين، أو إصابة البعض بأمراض مزمنة، للتكسب والتجارة وجني الأموال الطائلة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحال، بل وجدنا بعض المجلات والصحف تخصص زوايا وأبواباً، بل وصفحات للدجالين والمشعوذين، والأكثر من ذلك خطورة، خصصت قنوات للسحر والشعوذة تبث عبر الفضائيات، وهو الأمر الذي يستدعي حملة توعوية وإرشادية للتحذير من هذه الشركيات، وخطورتها على الدين والعقيدة، والمجتمع بأسره، ولذلك نُظم العديد من الندوات للتحذير من السحرة والكهنة والدجالين، ويقوم الدعاة بواجبهم في النصح والإرشاد وتوعية الناس.. لكن كيف يمكن مواجهة هؤلاء السحرة، وفضح أكاذيبهم، وبيان شركهم؟
حول هذا الموضوع التقينا ببعض الدعاة والوعاظ.. فماذا يقولون؟
وسائل للشرك بالله
في البداية، يقول د. سعد بن عبد الله العريفي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود والمستشار في المديرية العامة للسجون: عرفت البشرية في عصرنا الحاضر كثيراً من أنواع الشرك المتمثلة في خرافات الصوفية ومدعيهم وكثرة الطرق الصوفية والفرق الضالة عن الإسلام فاتجهت تدعو المخلوقين وتعبدهم من دون الله تعالى، وقد كانت الجزيرة العربية تعج بأنواع من الشركيات والبدع والخرافات نتيجة الجهل (تصدى) لها رجل صالح موحد هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - فأخذ ينهج منهج سلف الأمة ودعا إلى العودة إلى المنهل الصافي من الكتاب والسنة المطهرة وترك البدع والضلالات وقضى على هذه البدع والشركيات يؤازره الإمام المسدد محمد بن سعود - رحمه الله - فعادت الجزيرة إلى العقيدة الصحيحة أي عقيدة السلف وهي توحيد الله الخالص.. ومن هذه الجزيرة شع نور الإسلام لكافة بقاع المعمورة للعودة للدين الصحيح.. ثم قيَّض الله تعالى من سلالة ذلك الإمام المسدد رجلاً صالحاً هو الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود لتوحيد الجزيرة على عقيدة التوحيد بعد أن كانت متناحرة متناثرة فاجتمعت حول راية الإسلام الخفاقة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ولا يزال أبناؤه الكرام البررة يقومون ولله الحمد بحماية هذه العقيدة ويذبون عن حياضها تحت هذه الراية فجزاهم الله خير الجزاء وجعلهم مسددين موفقين.
فالغاية من خلق الجن والإنس هي عبادة الله عز وجل وعدم الشرك به كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: توحيد الربوبية: وهو توحيد الله سبحانه وتعالى بأفعاله بأن يعتقد العبد بأن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير الذي ربى جميع الخلق بالنعم.. وهذا قد أقر به المشركون كما قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}ولا ينفعهم هذا التوحيد ما لم يقروا بتوحيد الإلوهية.
ثانياً: توحيد الإلوهية (توحيد العبادة): وهو توحيد الله سبحانه وتعالى بأفعال العباد والعلم والاعتراف بأن الله تعالى ذو الإلوهية والعبودية على خلقه أجمعين وإفراده وحده بالعبادة كلها من عبادات الجوارح والقلوب فالذبح والنذر والطواف والخوف والتوكل والرجاء والمحبة والصلاة والصيام وجميع الأعمال كلها تكون خالصة لله عز وجل كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}
ثالثاً: توحيد الأسماء والصفات: وهو اعتقاد انفراد الرب جل وعلا بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه وذلك بإثبات ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه، أو أثبته له رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من جميع الأسماء والصفات ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله من غير نفي لشيء منها ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ونفي ما نفاه عن نفسه سبحانه وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من النقائص والعيوب.
وقد جاء المصطفى صلى الله عليه وسلم بكل ما يحمي جناب التوحيد وسد كل ذريعة تؤدي إلى الشرك ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، ونهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ الصور والتماثيل حين قال: (إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون).. كما قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا صورة إلا طمستها) وذلك حماية لجناب التوحيد وخوفاً من الوقوع في الشرك، ونهى صلى الله عليه وسلم عن السحر، والكهانة، والعرافة، والتنجيم، والتولة، والتطير، والتمائم وذلك لأنها وسائل إلى الشرك بالله تعالى والتعلق بغيره وقد قال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات..) الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً).. وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم).. وقال صلى الله عليه وسلم عن التطير والتشاؤم بقوله: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر).. كما نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في الأشخاص ورفعهم فوق مكانتهم فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله).. وذلك حماية لجناب التوحيد من أن يمس وأن يعبد العبد الخلق من دون الخالق فبهذا سدت الطرق والثغرات التي ينفذ منها الشرك بالله عز وجل.