وإذا كان لابد أن نبدأ الحديث بهذه المقدمة .. فإننا نأتي الآن إلى تعدد الزوجات في الإسلام .. ذلك التعدد الذي يثير جدلاً كثيراً عند الناس، وخصوصاً عند غير المسلمين.
لقد فوجئت مرة وأنا أتحدث في سان فرانسسكو .. أن إحدى الحضارات وقفت وقالت لي: الإسلام يبيح تعدد الزوجات؟ قلت: نعم .. يبيح للرجل أكثر من زوجة. قالت: لماذا لا يبيح تعدد الأزواج للمرأة؟ أليس عدلاً كما أباح للرجل أن تتعدد زوجاته، أن يبيح للمرأة أن يتعدد أزواجها؟
قلت: أنتم وفي دول عديدة هناك أماكن تعدونها لمن أراد من الشباب غير المتزوج أن يستريح جنسياً، فيها نساء يتقاضين أجراً من أجل هذه العملية .. لماذا لا تعدون أماكن فيها شباب، وتذهب إليها النساء إذا أردن الراحة الجنسية؟! .. فسكتت المرأة ولم ترد.
قلت: لأن المرأة بطبيعتها تكره تعدد الرجال، وهي ترى أن كرامتها وعزتها أن تكون زوجة لرجل واحد، وأحياناً يموت زوجها، فترفض أن تتزوج مرة أخرى، لأنها ترفض أن تعاشر رجلاً آخر. ولذلك محافظة على كرامة المرأة لا تتزوج المرأة أكثر من رجل، ومحافظة أيضاً على الأنساب. التي تلعب دوراً هاماً في حياة الناس.
والآن ماذا تقول الآية الكريمة .. التي تبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من امرأة؟
الله سبحانه وتعالى يقول:
[{فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً .. "3"} (سورة النساء)]
وهنا نجد سؤالاً يقفز إلى الذهن .. هل الأصل في التعدد الوجوب أم الإباحة؟
بمعنى .. هل الإسلام يوجب أن يتزوج الرجل بأكثر من زوجة؟ .. أم أنه يبيح له ذلك فقط؟
طبعاً الأصل في التشريع هو الإباحة وليس الوجوب .. أي أن الإسلام لا يوجب على الرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولكنه يبيح له ذلك، إذا رأى أن حياته محتاجة إلى ذلك. وفرق كبير بين الوجوب والإباحة.
إن الإسلام لا يفرض تعدد الزوجات .. أي لا يفرض على الرجال أن يتزوج أكثر من امرأة .. ولكنه يسمح له بذلك.
الإحصاءات تقول: إن الذين يتزوجون ثلاث زوجات هم رجل واحد بين كل ألف رجل، وأن الذي يتزوج أربع زوجات، هو رجل واحد بين كل خمسة آلاف رجل، فهل تعتبر هذه مشكلة ـ مع هذا العدد بالغ القلة ـ تواجهها المجتمعات الإسلامية؟!
وهل تستحق هذه الضجة بما يصاحبها من تهويل، وتصوير أن كل رجل مسلم متزوج من أربع زوجات .. وهو تصوير خاطئ وكاذب عن عمد وافتراء .. هدفه تصوير المجتمع الإسلامي على غير حقيقته.؟الأسرة قد تتعرض لمشكلات تهدد كيانها وتعرضها للدمار والفساد، وهذه المشكلات لا يمكن علاجها إلا من طريق إباحة التعدد منها:
1. زيادة عدد الإناث عن عدد الذكور.
2. قوة الدوافع الجنسية عند الرجال، وبرودته عند بعض النساء.
3. مرض الزوجة بمرض مزمن أو إصابتها بعقم.
4. نقص عدد الرجال بسبب الحروب.
لهذا جاءت شريعة الإسلام لتحول بين وقوع الإنسان في الحرج، فأباحت له الزواج بأخرى، حتى لا يقع فريسة للصراع النفسي، الذي قد يقوده إلى السقوط والوقوع في الحرام.
نقلت هذا الموضع من اجل الافادة و المرجو النقاش العقلاني الهادف