حث الإسلام على حقوق الطريق العامة
الإسلام دين الفطرة وكل ما هو يوافق الفطرة ويؤدي إلى مصلحة الناس ، نلاحظ في الفصل كيف يحافظ الإسلام على الحقوق العامة للناس ، ومن هذه الحقوق هو حق الطريق ، والطريق من الحقوق المشاعة لجميع الناس ، وليس لأحد فيه حق منفرداً ، ونما هو للجميع ، . وللجميع حق الدفاع عنه وحمايته من عبث العابثين وأنانية الأنانيين
وقبل أن نبدأ بالأحاديث التي تؤصل هذه المعاني الكبيرة ، نذكر حديثاً في نفس المعنى وفي نفس الباب الذي يتناول نظافة الطريق مما يعرقل حركة السير فيه ، أو مما يؤذي السائرين عليه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أعلاه شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق } .
نستنج من هذا الحديث أن شعب الإيمان كثيرة ، أعلا هذه الشعب منزلةً وأرفعُ شأناً هو لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ثم تلي ذلك شُعباً كثيرة تتدرج في الأهمية نزولاً حتى نصل إلى شعبة إماطة الأذى عن الطريق ، وكذلك نستنج أن إماطة الأذى ليس من السنن أو من الأمور المباحة التي يُحبذها الإسلام ، بل هو من أساسيات الإيمان بالله ، وأنه من صلب الإيمان وليس من حواشي الدين .
ثم نريد أن نتطرق إلى موضوع آخر يتعلق بالموضوع وهو ذو أهمية بالغة ، وذلك الأمر هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وخاصةً من زاوية ما يخص بحثنا { البيئة } ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : { من رآى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع بلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان } ففي هذا الحديث الجميع مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل على حسب إمكانياته ، ولا يُعفى أحدٌ من ذلك ، والطريق ملك الجميع وليس للأحدٍ حق خاص فالكل فيه سواسية ، فمن رأى شخصاً يحفر في الطريق فله منعه لأن ذلك يؤذى المارة على الطريق وهكذا .
والآن نستعرض الأحاديث التي تحث على نظافة الطريق وما يلحق به .
1 - عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا } 1
نلاحظ في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشأ يستمع إليها وإلى شكواها في الطريق العام حتى لا يضايق الناس في الطريق ، ولكي تأخذ حريتها في الكلام بعيداً عن أعين الناس وأسماعهم
2 – وعن أُبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخَصِيبِ فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَظَّهَا مِنَ الْأَرْضِ وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ فَبَادِرُوا نِقْيَهَا وَإِذَا عَرَّسْتُمْ فَاجْتَنِبُوا الطُّرُقَ فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ وَمَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْل} 2
3 - و عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَمْكِنُوا الرَّكْبَ أَسِنَّتَهَا وَلَا تَعْدُوا الْمَنَازِلَ وَإِذَا كُنْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَاسْتَنْجُوا وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ فَإِذَا تَغَوَّلَتْ بِكُمُ الْغِيلَانُ فَبَادِرُوا بِالْأَذَانِ وَلَا تُصَلُّوا عَلَى جَوَادِ الطُّرُقِ وَلَا تَنْزِلُوا عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ وَلَا تَقْضُوا عَلَيْهَا الْحَوَائِجَ فَإِنَّهَا الْمَلَاعِنُ * } 3
4- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ شَجَرَةً كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ النَّاسِ كَانَتْ تُؤْذِيهِمْ فَأَتَاهَا رَجُلٌ فَعَزَلَهَا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَتَقَلَّبُ فِي ظِلِّهَا فِي الْجَنَّةِ * } 4
جواد الطرق : وسط الطريق وقارعته
5 - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ غُصْنُ شَجَرَةٍ يُؤْذِي النَّاسَ فَأَمَاطَهَا رَجُلٌ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ * } 5
6 - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كَانَ فِي شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ وَأَلْقَاهُ وَإِمَّا كَانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ * } 6
7- وَبِإِسْنَادِهِ هَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ غُصْنُ شَجَرَةٍ يُؤْذِي النَّاسَ فَأَمَاطَهَا رَجُلٌ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ } 7
8 – و عن مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ يَتَحَرَّى أَمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيهَا وَيُحَدِّثُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا وَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ وَسَأَلْتُ سَالِمًا فَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وَافَقَ نَافِعًا فِي الْأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ } 8
9 - وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ } 9
في هذا الحديث ينهي رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من أن يكون جلوسهم على الطرقات التي هي من الحقوق المشاعة لجميع الناس ، فلما قالوا إن هذه مجالسهم ولا بد لهم منها ، فطلبهم منهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعطوا الطريق حقه منها غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
10 - وعَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ قَالَ حَسَّانُ فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً } 10
11 - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ } 11
12 - وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ } 12
13 – وعن أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ قَالَ تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ قَالَ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ } 13