Admin Admin
عدد الرسائل : 2234 العمر : 38 الموقع : www.a7laklam.hooxs.com الاوسمة : تاريخ التسجيل : 31/03/2008
| موضوع: صيغة لعقد انشاء شركة مضاربة (3) الأحد مايو 25, 2008 1:21 am | |
| الفصل الثاني: في شرائط المضاربة ويشترط في المضاربة الإيجاب والقبول ويكفي فيهما كلّ دال قولاً أو فعلاً(1). والإيجاب القولي كأن يقول: ضاربتك على كذا وما يفيد هذا المعنى؛
الشرائط العامة في المضاربة
(1) - كان من الجدير أن يقول الماتنرحمه الله بدل ما قاله في المتن: إنّ المضاربة عقد كالعقود الاُخَر، ولابدّ في كلّ عقد من إرادة مفاده ومعناه قلباً و إبراز ذلك الأمر المقصود بالقول أو الفعل و إنشائه بذلك المبرز؛ لأنّ اللازم في كلّ عقد هو هذا المعنى، وإن لم يسمّ من جانب إيجاباً ومن جانب آخر قبولاً؛ إذ في بعض العقود لا يكون إلّا كذلك و لا يعرف ولا يميز الموجب من القابل؛ كما إذا كان العوضان معاً من الأمتعة ويرغب كل واحد من المتبايعين أن يعطي سلعته ويتصاحب سلعة الطرف الآخر من دون أن يكون أحد العوضين سلعة والآخر نقداً ثمناً لذلك، ومن دون أن يكون أحدهما أصليّاً والآخر فرعيّاً، حتّى يقال: صاحب السلعة أو الشيء الأصلي موجب وصاحب النقود أو الشيء الفرعي قابل، أو ما أشبه ذلك كالقول بأنّ القائل الأول موجب والثاني قابل. وبما قلناه يرتفع إشكال تعيين الموجب من القابل في بعض الموارد، كعقد التأمين؛ فإنهم قد بحثوا في أنّه هل الموجب هو مؤمّن أو المؤمّن له؟ فقال بعض كالمحقّق الخمينىرحمه الله: «يمكن أن يكون الموجب، المؤمّن والقابل المستأمن... وبالعكس»(29) وقال بعض آخر كالمحقّق الشيخ حسين الحليرحمه الله في بحوثه الفقهية غير ذلك،(30) فعلى ما بيناه لا مجال فيقول: قبلت . ويشترط فيها أيضاً د البلوغ والعقل والاختيار(1) وعدم الحجر لفلس(2) أو جنون(3)، أمور:
لهذا البحث أصلاً. (1) - حيث إنّها من الشرائط العامة المعتبرة في كل عقدٍ، وقد بحث الفقهاءرحمهم الله عن هذه الشرائط في مبحث شرائط المتعاقدين من كتاب البيع.(31) وقد قال النبيصلى الله عليه وآله: «رفع عن أمتي تسعة: الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه...»(32) وعن عليّعليه الام: «إنّ القلم رفع عن ثلاثة، عن الصبي حتّى يحتلم وعن المجنون حتّى يفيق...»(33) (2) - هذا شرط في المالك ؛ لأنّه هو المحجور عن التصرّف في أمواله دون العامل لصحّة العمل منه في حال كونه محجوراً. (3) - المراد منه السفه ؛ وذلك بملاحظة اشتراط العقل قُبيل ذلك، والسفيه لاينبغي أن يكون مضارباً ولا عاملاً ويدل عليه قوله تعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل اللّه لكم قياماً»(34) فلا وجه للتفصيل الذي ذكره المحقّق الخوئيرحمه الله(35) من عدم جوازكون السفيه مالكاً وأمّا العامل، فلا إشكال فيه.
الأوّل: أن يكون رأس المال عيناً؛ فلا تصحّ بالمنفعة ولا بالدين،(1) فلو كان له دين على أحد، لم يجز أن يجعله مضاربة إلّا بعد قبضه، ولو أذن للعامل في قبضه، ما لم يجدد العقد بعد القبض . نعم، لو وكّله على القبض والإيجاب من طرف المالك والقبول منه؛ بأن يكون موجباً قابلاً، صحّ. وكذا لو كان له على العامل دين، لم يصحّ جعله قراضاً إلّا أن يوكله في تعيينه ثمّ إيقاع العقد عليه بالإيجاب والقبول بتولّي الطرفين .
الشّرائط الخاصّة في المضاربة
وهي على طوائف: الطائفة الأولى: ما يشترط في رأس المال (1) - قبل الورود في البحث عن المسألة ننقل كلام بعض من تعرّض للمسألة: أمّا المنفعة، فقلّ من تعرض لها، وعمدة دليلهم للمنع فيها؛ أنّه لايجوز جعل العروض رأس المال، فالمنافع أولى بالمنع. وقد يأتي الكلام فيما استدلوا به في المسألة الآتية.(36) وأمّا الدين: 1 - قال الشيخ الطّوسيرحمه الله: «متى كان له على غيره مال دَيناً، لم يجز له أن يجعله شركة أو مضاربة إلّا بعد أن يقبضه ثمّ يعطيه إيّاه إن شاء.»(37) ونظيره كلام ابن إدريسرحمه الله.(38) 2 - وقال العلامةرحمه الله: «ولايجوز القراض على الديون ولانعلم فيه خلافاً، قال ابنالمنذر: أجمع كلّ من يحفظ عنه من أهل العلم أنّه لايجوز أن يجعل الرّجل ديناً له، مضاربة... وعلى ما رواه السكوني في الموثق عن الصادقعليه السلام ...»(39 3 - وقال الشهيد الثانيرحمه الله ذيل كلام المحققرحمه الله «ومن شرطه أن يكون عيناً»: «اشتراط ذلك في المال موضع وفاق، نقله في التذكرة وهو العمدة وعلّل مع ذلك بأن ما في الذمة لابد من تحصيله أولاً، ولا يجوز ضمّ عمل إلى التجارة... ولا يخفى أن إثبات الحكممثل هذه التعليلات بعيدٌ، والعمدة على نقل الإجماع.»(40) 4 - وقال المحقق الأردبيليرحمه الله بعد نقل كلام المذكور عن العلامةرحمه الله: «وهي مروية في التهذيب عن النوفلي عن السكوني، وهما ليسا بموثقين، قيل في الأول: إنّه غلا في آخر عمره، والثاني عاميّ، وفي السند إبراهيم بن هاشم أيضاً، فتامل. فلولا الإجماع في اتراط كونه غير دين لأمكن القول بعدمه.»(41) 5 - وقال المحقّق الخوئيرحمه الله في بيان وجه عدم جواز المضاربة على الدين والمنفعة ما محصله: إنّ دليل صحّتها إمّا أدلة خاصة؛ وهي الروايات الواردة في باب المضاربة، وإمّا العمومات الواردة؛ كقوله تعالى «تجارة عن تراض» وقوله: «أوفوا بالعقود». أمّا الأدلة
الخاصة، فهي مخصوصة بالأعيان فلا تشمل الدين والمنفعة، فيكون الدين والمنفعة موردين لأصالة الفساد. وأمّا العمومات، فلا تشمل المضاربة؛ لأن المضاربة على خلاف القاعدة. ثم ذكر في وجه كونها خلاف القاعدة، الوجوه الثلاثة التالية: الوجه الأوّل: إنّ في المضاربة، كالمزارعة والمساقاة، لايكون تمليك عن أحد الطرفين ماله للآخر؛ حيث لا يُملِّك المالكُ العاملَ إلّا حصة من الربح، وهي غير متحققة بالفعل؛ لأنّ المالك لا يَمْلكُ إلّا أصل ماله، فكيف يصح تمليكها لغيره؟ فالقاعدة تقتضي بطلان تمليك الحصة ولا عموم يقتضي صحته. وفيه: إنّ ذلك صحيح في التمليك الشخصي؛ حيث يمكن أن يقال فيه: إنّه لابدّ من أن يكون المملوك في ملك المُمَلِّك وإلّا يكون التمليك باطلاً ؛ لأنّه كيف يعقل أن يُملّك الإنسان شيئاً لم يَملكه بعدُ. فلو كان مرادهرحمه الله ذلك، فيرد عليه: أنّ التمليك في المضابة ليس في أمر شخصيٍ بل بالنسبة إلى أمر كلي، وهو نصف الربح مثلاً. وإن كان مراده التمليك المطلق، سواء أكان تمليكاً بأمر شخصي أو كلّي، فهو مع كونه في غاية البُعد، ضعفه وبطلانه واضح من أن يخفى على أحد ولايحتاج إلى شيء من الاستدلال أصلاً ؛ لأنّه يوجب أن يكونتمليك الكلّي - الذي ليس عند المملّك شيء منه فعلاً ولكن يحصّله فيما سيأتي - باطلاً، وليست قاعدة عقلية ولا شرعية ناطقة بذلك . أللهم إلا أن يقال: إن هذا المطلب قد تكرّر بهذه العبارة منهرحمه الله في المضاربة والإجارة وغيرها، والمراد منه أنّ العوض والمعوض لابد من أن يكونا موجودين؛ إمّا في الخارج كالجزئي أو في الذمة كالكلي حتى يكونا قابلين للتمليك والتمَلُك، وربح المضاربة قبل ااشتغال بالتجارة ليس في الخارج ولا في الذمة موجوداً؛ إذ يمكن أن لايوجد أصلاً فكيف يكون موجوداً في الذمة؟ فلا يصح أن يجعل موضوعاً للعقد، وعلى هذا فمراده أمر صحيح ولكن في العبارة مسامحة واضحة. فنقول: لو كان مرادهرحمه الله هذا، فهو في البطلان ليس بهذا الوضوح، لكنه باطل أيضاً؛ لان المراد من الموجود في الذمة ليس إلّا التعهد من صاحب الذمة لا أنّه شيء موجود حقيقة في ذمته. ومن المعلوم صحة تعهد شخص بأمر قطعي الحُصول و أمر غير قطعي الحصول على تقدير حصوله، فكما يصحّ أن يتعهد الإنسان أن يعطي مالاً حالاً في المستقبل قطعاً، يصحّ أن يتعهد الإنسان إعطاء مال على فرض وجوده في المستقبل، والشاهد عليه الوجدان والعرف والشرع، فالقول بأنّ تعهد أمثال هذه الأمور ليس من قبيل ما يكون في الذمة، كلام غير صحيح وقول بلا برهان. الوجه الثاني: إنّ الربح بتمامه يتبع رأس المال فلابدّ من أن ينتقل كلّه إلى المالك لا أن ينتقل سهم منه إلى المالك وسهم آخر منه إلى العامل ؛ لأنّه لابدّ في المعاوضة أن يدخل الثمن في محل يخرج منه المثمن، وكذا الربح يدخل في الموضع الذي يخرج منه رأس المال، فدخول بعض الربح في ملك العامل مخالف لهذه القاعدة . نعم، يمكن أن يقال: إنّ الربح كلّه يدخل في ملك المالك أوّلاً ثمّ ينتقل سهم منه إلى ملك العامل قبال عمله، إلّا أنّه خلاف قانون المضاربة. وفيه: إنّ تلك القاعدة وإن كانت مشهورة في كلمات الفقهاء - ولذا قد يقال: إنّ قول القائل: «بع مالك عنّي» أو «أعتق عبدك عنّي» أو «اشتر بمالي لباساً أو غذاء لك»، معناه الوكالة في تمليك المال أو العبد عن نفسه أصالة وقبوله عن القائل وكالة ثمّ بيع المال أوعتق العبد عنه أو الوكالة في تمليك مال غيره لنفسه، ثمّ قبوله عن نفسه ثمّ الشراء بهلنفسه - ولكن هذا كله غير صحيح؛ لكونه مخالفا لما هو المرتكز في أذهان العامة والعرف. والقول بأنّ ذلك مقتضى المعاوضة والمبادلة، ليس بسديد ؛ لأنّ العرف لايرى بعداً في أن يشتري الإنسن لنفسه شيئاً في مقابل ثمن الغير، أو أن يشتري للغير بمال نفسه؛ كما يتّضح ذلك بأدنى تأمل في أمثال تلك الموارد، نعم يمكن أن يقال: حيث إنّ ذلك اللباس أو الغذاء إحسان وهدية من قبل صاحب الثمن إلى من يشتريهما لنفسه، فهو
نحلة جائزة وليست بلازمة ، وله أن يستردّه منه، وفرق بين هذا وبين قولنا: إنّ المثمن يدخل أوّلاً في ملك صاحب الثمن الذي هو المحسن ثمّ يخرج منه ويدخل في ملك المحسن إليه - بصيغة المفعول - أو الثمن يخرج أوّلاً من ملكه ويدخل في ملك الآخر ثمّ يخرج منه ويدخل في ملك صاحب السلعة. والحاصل أنّ تصوّر معنى البدلية في المعاوضة لايجبرنا أن نفرض أنّ الثمن يدخل محل المثمن وبالعكس، بل مفهوم المعاوضة والمبادلة هنا نفس مفهومها في موارد اُخر؛ مثل الضيافة والاستقبال والقصاص وغيرها في نظر أهل العرف، فكما أنّ العبد يذهب إلى الضيافة أو يقيم والاستقبال والقصاص وغيرها في نظر أهل العرف، فكما أنّ العبد يذهب إلى الضيافة أو يقيم الضيافة بدلاً عن صاحبه وكذا الولد بدلاً عن أبيه وأن شخصاً آخر يقتل بدلاً عن القاتل كما كان متعارفاً في عصر الجاهلية ومنعه الإسلام، فبهذه العناية أيضاً تستعمل البدلية في موارد التملك والتمليك. الوجه الثالث: إنّ المضاربة تزيد على غيرها في الإشكال؛ بأنّها لاتنحصر غالباً في التجارة مرّة واحدة بل، تكون فيها التجارات المستمرة المتعددة. وعلى هذا فلو فرض أنّ رأس المال مأة دينار وكان للعامل نصف الربح فاتّجر العامل به واشترى سلعة بمأة دينار ثمّ باعها بمأتي دينار ، كان مقتضى العقد اختصاص المالك بمأة وخمسين ديناراً واختصاص العامل بخمسين ديناراً فقط . فلو اشترى بعد ذلك شيئاً بمأتي دينار ثمّ باعه باربعمأة دينار، فمقتضى العقد أن يكون مأة وخمسون ديناراً للعامل وللمالك مأتان وخمسون ديناراً. وهذا مخالف للقاعدة من حيث إنّ المأتين ديناراً الحاصلة من التجارة الثانية إنّما هي ربحٌ لمجموع خمسين ديناراً - حصة العامل - ومأة وخمسين ديناراً - حصة المالك - ومقتضى القاعدة أن يكون ربع هذا المبلغ له والثلاثة الأرباع الباقية بينه وبين المالك، فيصير سهم العامل مأة وخمسة وسبعون ديناراً وسهم المالك مأتان وخمسة وعشرون . فالقول بأنّ سهم العامل مأة وخمسون وسهم المالك مأتان وخمسون ناش عن
تقسيم ربح مال العامل أيضاً بينهما كثلاثة الأرباع الأخر وهو خلاف القاعدة، ومن هنا فلو كنا نحن والقاعدة ولم يكن هناك دليل على الصحة، لالتزمنا بفساد عقد المضاربة بقول مطلق.(42) وهذا تدقيق منهرحمه الله ولكنّه في غير محلّه ؛ لأنّ المرتكز في المضاربة كون رأس المال في المرتبة الأولى من المالك. وأمّا في سائر المراحل، مادامت المضاربة قائمة على ساقيها، يكون رأس المال جميع ما يحصل من الربح في تلك الدفعات مع رأس المال الأصلي من دون ن يستثنى سهم العامل ويكون رأس المال للتجارة الآتية سهم المالك من الربح مع رأس المال الأصلي ، وفي مقام التصفية يأخذ المالك أوّلاً رأس المال الأصلي ثمّ يُقسم ربح التجارات المتعددة حسب قرارهم. ولعمري أنّ ذلك معلوم لكلّ أحد وليس مخالفاً للقاعدة ، هذا. ثمّ، لو نسلم جميع ما أفادهقدس سره وفرضناه صحيحاً، فلِمَ لاتكفي العمومات في صحة المضاربة على الدين والمنفعة؟ ولِمَ لايكون شمول العمومات مثل شمول الأدلّة الخاصة؟ نعم، يمكن أن يقال إنّ تلك القواعد المذكورة في كلامهرحمه الله لو كانت مستفادة من الأدلّة شرعية والنصوص المروية ، تعارض العمومات وتخصصها. لكنها مع الأسف ليست كذلك، فلا بأس بالأخذ بعمومها. 6 - وقال المحقق الحكيمرحمه الله في بيان عدم جريان الأدلّة العامة في المقام مع قوله بأنه تختص الأدلة الخاصة بالعين دون الدين ما هذا ملخصه: «واستدل في الرياض بأنّه لا مجال للتمسك بعموم الوفاء بالعقود في المقام لاختصاصه بالعقود اللازمة، واستشكل عليه في لجواهر؛ بأنّه يكفي في الصحة قوله تعالى: «إلا أن تكون تجارة عن تراض». وفيه: أنّ ذلك إنّما يقتضي الصحّة ولايقتضي كونها مضاربة، ومنه يظهر أنّه لو سلم جواز
التمسك بعموم «أوفوا بالعقود»، فهو أيضاً كذلك، أي يقتضي الصحة ولا يقتضي كونها مضاربة، ولاتجدي الإطلاقات المقامية أيضاً؛ لتوقّفها على صحّة المضاربة عند العرف، ولم يثبت أنّ المعاملة على الدين والمنفعة مضاربة عند العرف، والأصل عدم ترتب أحكام المضاربة عليها.»(43) والذي نقوله في هذا المجال هو صحة المضاربة مطلقاً وذلك لأمرين: الأوّل: إطلاق روايات باب المضاربة؛ كصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهماعليهما السلام قال: «سألته عن الرجل يعطي المال مضاربة وينهى أن يخرج به، فخرج؟ قال: يضمن المال والربح بينهما.»(44) وكذلك سائر الروايات الواردة عقيبها(45)؛ مثل: صحيحة الحلبي عن أبي عبداللهليه السلام وصحيحة أبي الصباح الكناني عن أبي عبداللّهعليه السلام وصحيحتين اُخريين للحلبي ورواية أخرى للكناني وصحيحة رابعة للحلبي وصحيحة جميل وموثقة أبي بصير ورواية زيد الشحام ورواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن أبيه عن أبي عبداللّهعليه السلام وكلمة «المال» الموجودة في هذه الروايات أعم من العين والدين والمنفعة. ودعوى أنها مخصوصة بالعين بقرينة كلمة الإعطاء، فإنّه لايتحقق إلّا في العين، مدفوعة بأن المراد من الإعطاء جعل المال تحت اختيار العامل سواء أكان بالإعطاء والدفع أو بالإذن والإجازة، مضافاً إلى أنه ليست كلمة «الإعطاء» في الرواية الأخيرة. والقول بأن هذه الروايات ليست في مقام بيان هذه الجهة، أي صحة المضاربة بالمال مطلقاً وإنّما هي في بيان صحة الاشتراط، لايسمع بعد شمول إطلاق المال على الدين
والمنفعة فيها. ولتوضيح البحث نقول: إنّ دعوى شرطية عينية رأس المال إمّا عرفية أو شرعية؛ فإن كانت عرفية - بدعوى أنّه لو لم يكن رأس المال عيناً، سواء كان منفعة أو ديناً، لما صدق عليه المضاربة عرفاً - فهي مدفوعة بأنّ الأمر ليس كذلك في عرفنا الراهن؛ لأنّ الناس لايفرقون أبداً في إطلاق المضاربة بين العين والدين والمنفعة، والظاهر أن عرف الناس في عصر النبيصلى الله عليه وآله وقبله وبعده أيضاً كان كذلك. ولو شككنا، فهو مقتضى أصالة عدم النقل كما في موارد أخرى. وإن كانت شرعية بدعوى أن الشرع الذي حكم بصحة المضاربة و أمضاها، نهى عنكون رأس المال ديناً أو منفعة، ففيها: أن الامر لو كان كذلك لكان اللازم على الشارع التصريح به؛ لأنه تقييد في نظر العرف وتصحيح له، لئلايشتبه الأمر على الناس ولايقعوا في غفلة ولا التباس، ولايحسن أن يُكتفى في ذلك بذكر كلمة مبهمة كالإعطاء والدفع الذي يحملان بسهولة على الأعمّ منهما ومن الإذن والإجازة، خصوصاً مع ذكر كلمة «المال» في جنبهما الذي هو أعمّ من العين والدين والمنفعة. الثاني: العمومات مثل «إلّا أن تكون تجارة عن تراض»(46) و «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود»(47) و «المؤمنون عند شروطهم»(48) وفي بعض الروايات «المسلمون»(49). والقول بأنّ أوفوا بالعقود مختصة بالعقود اللازمة، مردودةٌ؛ لأنّ عهود الناس مختلفة من حيث الإطلاق والتقييد واللزوم وغيره، والعقد إما مطلق العهد، ولو كان من طرف واحد، أو العهد من الطرفين أي العهد قبال العهد، فمعنى الآية الشريفة: إذا تعاهدتم بينكم،
فاعملوا بما تعاهدتم. وليس المراد أنّكم إذا تعاهدتم بنحو الإيجاب والإلزام، فاعملوا به وإذا كان تعاهدكم بشكل آخر، لاتعملوا به. فإذا تعهد شخص بتمليك شيء لشخص، فيجب العمل بتعهده، وإذا تعهد أن يجعل شيئاً وثيقة عند الدائن، فيجب العمل بتعهده. وأمّا الدائن، فلا عهد عليه ولذا يجوز له أخذ الوثيقة ويجوز رده ابتداء أو بقاء. وإذا تعهد أن يعطي رأس المال للآخر للتجارة أو أن يستنيب عن الملك في حفظ ماله أو أن يأذن أن يستفاد أحدٌ عن ماله تبرعاً، فيجب الوفاء به فما كان جائزاً ذاتاً بنفسه فلا يجب الوفاء به قهراً؛ لانه لم يتعهد بشيء وما لم يكن كذلك، فيخصص العموم بالدليل الدال على جوازه لو كان جائزاً. وأمّا حديث «المؤمنون (المسلمون) عند شروطهم» ، فقد ذكرنا في «فقه الشركة»(50) مفصلاً أنّه يشمل الشروط الابتدائية أيضاً ولايختص بالشروط الضمنية، ويشمل جميع العقود حتّى العقود المستحدثة. وادعاء انصرافها بالعقود المتعارفة في عهد الرسولصلى الله عليه وآله أ الأئمةعليهم السلام أو العقود المتعارفة عند الفقهاء، لا وجه له و يخالفه الاعتبار أيضاً، فالأدلّة الشرعية، العامة والخاصة، شاملة للمضاربة على الديون والمنافع أيضاً. وقد يستدل لبطلانها بأمور كلّها مخدوش وهي: الأوّل: الإجماع، أو عدم الخلاف على اشتراط كون رأس المال عيناً، أو أنّه لايجوز القراض على الديون، وقد مرّ في كلام جماعة كالعلامة والمحقق والشهيد الثانيرحمهم الله. وفيه: أنّه لم يذكر المسألة جمع غفير من القدماء، وقد خالف فيه جمع من المتأخرين، ولو فرضنا وجود الإجماع فحجيته مشروطة بكشف قول المعصوم عنه ودون إثباته خرط القتاد.
| |
|